الســلام عليكم ورحمــة الله وبــركاته
واسعــد الله أيامكم بكل خيــر أنا من اشد المعجبين بشعــر الإمام الشافعي رضي الله عنه - لذى اردت أن أهديكم هذه الباقة الفواحة من شعره رحـــم الله الإمـــام الشافعـــي فقد كان شعره وعلمه حكمــة ونوراً ..
موت الأسد في الغابات جوعا = ولحم الضأن تأكله الكــلاب
وعبد قد ينام على حريـــر = وذو نسب مفارشه التــراب
ما في المقام لذي عـقـل وذي أدب = من راحة فدع الأوطان واغتـرب
سافر تجد عوضـا عمن تفارقــه = وانْصَبْ فإن لذيذ العيش في النَّصب
إني رأيت ركـود الـماء يفســده = إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب
والأسد لولا فراق الغاب ما افترست = والسهم لولا فراق القوس لم يصب
والشمس لو وقفت في الفلك دائمة = لملَّها الناس من عجم ومن عـرب
والتِّبرُ كالتُّـرب مُلقى في أماكنـه = والعود في أرضه نوع من الحطب
فإن تغرّب هـذا عـَزّ مطلبـــه = وإن تغرب ذاك عـزّ كالذهــب
سأضرب في طول البلاد وعرضها = أنال مرادي أو أموت غريبـا
فإن تلفت نفسي فلله درهــــا = وإن سلمت كان الرجوع قريبا
اصبر على مـر الجفـا من معلم = فإن رسوب العلم في نفراته
ومن لم يذق مر التعلم ساعــة = تجرع ذل الجهل طول حياته
ومن فاته التعليم وقت شبابــه = فكبر عليه أربعا لوفاتــه
وذات الفتى والله بالعلم والتقى = إذا لم يكونا لا اعتبار لذاته
إذا نطق السفيه فلا تجبه = فخير من إجابته السكوت
فإن كلمته فـرّجت عنـه = وإن خليته كـمدا يمـوت
تمنى رجال أن أموت ، وإن أمت = فتلك سبيـل لـست فيها بأوحــد
وما موت من قد مات قبلي بضائر = ولا عيش من قد عاش بعدي بمخلد
لعل الذي يرجـو فنـائي ويدّعي = به قبل موتـي أن يكون هو الردى
إن كنت تغدو في الذنـوب جليـدا = وتخاف في يوم المعاد وعيـدا
فلقـد أتاك من المهيمـن عـفـوه = وأفاض من نعم عليك مزيـدا
لا تيأسن من لطف ربك في الحشا = في بطن أمك مضغة ووليـدا
لو شــاء أن تصلى جهنم خالـدا = ما كان أَلْهمَ قلبك التوحيــدا
تغرب عن الأوطان في طلب العلا = وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تَفَرُّجُ هم ، واكتسـاب معيشــة = وعلم وآداب ، وصحبة ماجـد
إذا لم أجد خلا تقيا فوحدتي = ألذ وأشهى من غوى أعاشره
وأجلس وحدي للعبادة آمنـا =أقر لعيني من جـليس أحاذره
إذا ما كنت ذا فـضل وعلم = بما اختلف الأوائل والأواخر
فناظر من تناظر في سكون = حليمـا لا تـلح ولا تكابـر
يفيدك ما استفادا بلا امتنان = من النكـت اللطيفة والنوادر
وإياك اللجوج ومن يرائي = بأني قد غلبت ومن يفـاخـر
فإن الشر في جنبات هـذا = يمني بالتقـاطـع والـتدابـر
العلم مغرس كـل فخر فافتخـر = واحذر يفوتك فخـر ذاك المغـرس
واعلم بأن العـلم ليس ينالـه = من هـمـه في مطعــم أو ملبـس
إلا أخـو العلم الذي يُعنى بـه = في حـالتيه عـاريـا أو مـكتـسي
فاجعل لنفسك منه حظا وافـرا = واهجـر لـه طيب الرقــاد وعبّسِ
فلعل يوما إن حضرت بمجلس = كنت أنت الرئيس وفخر ذاك المجلس
شكوت إلى وكيع سوء حفظي = فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخـبرني بأن العـلم نــور = ونور الله لا يهـدى لعـاص
ولا تعطين الرأي من لا يريده = فلا أنت محمود ولا الرأي نافعه
حـسبي بعلمي إن نـفــع =ما الــذل إلا في الطمــع !
من راقـب الله رجــــع =ما طــار طير وارتفــع
تعصي الإله وأنت تظهر حبه = هذا محال في القياس بديـع
لو كان حبك صادقا لأطعتـه = إن المحب لمن يحب مطيـع
في كل يوم يبتديك بنعمــة = منه وأنت لشكر ذلك مضيع
ارحل بنفسك من أرض تضام بها = ولا تكن من فراق الأهل في حرق
فالعنبر الخام روث في موطنــه = وفي التغرب محمول على العنـق
والكحل نوع من الأحجار تنظـره = في أرضه وهو مرمى على الطرق
والكحل نوع من الأحجار تنظـره = فصار يحمل بين الجفن والحـدق
سهـري لتنقيـح العلوم ألذ لي = من وصل غانية وطيب عنــاق
وصرير أقلامي على صفحاتها = أحلى مـن الدّّوْكـاء والعشــاق
وألذ من نقر الفتـاة لدفهــا = نقري لألقي الـرمل عـن أوراقي
وتمايلي طربـا لحل عويصـة = في الدرس أشهى من مدامة ساق
وأبيت سهـران الدجى وتبيته = نومـا وتبغي بعـد ذاك لحــاقي
إن الغريب له مخافة سارق = وخضوع مديون وذلة موثق
فإذا تذكر أهـلـه وبـلاده = ففؤاده كجنــاح طير خافق
توكلت في رزقي على الله خـالقي = وأيقنـت أن الله لا شك رازقي
وما يك من رزقي فليـس يفوتني = ولو كان في قاع البحار العوامق
سيأتي بـه الله العظـيم بفضلـه = ولو، لم يكن من اللسـان بناطق
ففي اي شيء تذهب النفس حسرة = وقد قسم الرحـمن رزق الخلائق
علمي معي حـيثمــا يممت ينفعني = قلبي وعاء لـه لا بطــن صـنـدوق
إن كنت في البيت كان العلم فيه معي = أو كنت في السوق كان العلم في السوق
ما حك جلدك مثل ظفرك = فتـول أنت جميع أمرك
وإذا قصدت لحـاجــة = فاقصد لمعترف بفضلك
فســاد كبيـر عالم متهتك = وأكبر منه جـاهل متنسك
هما فتنة في العالمين عظيمة = لمن بهما في دينه يتمسك
تعلم فليس المرء يولد عالـمــا = وليس أخو علم كمن هو جاهـل
وإن كبير القوم لا علم عـنـده = صغير إذا التفت عليه الجحافل
وإن صغير القوم إن كان عالما = كبير إذا ردت إليه المحـافـل
لا يدرك الحكمة من عمره = يكدح في مصلحة الأهـل
ولا ينــال العلم إلا فتى = خال من الأفكار والشغـل
لو أن لقمان الحكيم الذي = سارت به الركبان بالفضل
بُلي بفقر وعـيـال لمـا = فرق بين التبن والبقــل
إن الملوك بـلاء حيثما حـلـوا = فلا يكن لك في أبو أبهم ظــل
ماذا تؤمل من قوم إذا غضبـوا = جاروا عليك وإن أرضيتهم ملوا
فاستعن بالله عن أبو أبهم كرمـا = إن الوقوف على أبوابهــم ذل
أأنثر درا بين سارحة البهــم = وأنظم منثورا لراعية الغنـم
لعمري لئن ضُيعت في شر بلدة = فلست مُضيعا فيهم غرر الكلم
لئن سهل الله العزيز بلطفــه = وصادفت أهلا للعلوم والحكـم
بثثت مفيدا واستفدت ودادهـم = وإلا فمكنون لدي ومُكْتتـــم
ومن منح الجهال علما أضاعـه = ومن منع المستوجبين فقد ظلم
نعيب زماننا والعيب فينا = وما لزمانا عيب سوانا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب = ولو نطق الزمان لنا هجانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئب = ويأكل بعضنا بعضا عيانا
يا واعظ الناس عما أنت فاعله = يا من يعد عليه العمر بالنفس
احفظ لشيبك من عيب يدنسه = إن البياض قليل الحمل للدنس
كحامل لثياب الناس يغسلها = وثوبه غارق في الرجس والنجس
تبغي النجاة ولم تسلك طريقتها =إن السفينة لا تجري على اليبس
ركوبك النعش ينسيك الركوب على = ما كنت تركب من بغل و من فرس
يوم القيامة لا مال ولا ولد = وضمة القبر تنسي ليلة العرس
إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفا = فدعه ولا تكثر عليه التأسفا
ففي الناس أبدال وفي الترك راحة = وفي القلب صبر للحبيب وإن جفا
فما كل من تهواه يهواك قلبه = ولا كل من صافيته لك قد صفا
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة = فلا خير في ود يجيء تكلفا
ولا خير في خل يخون خليله = ويلقاه من بعد المودة بالجفا
وينكر عيشا قد تقادم عهده = ويظهر سرا كان بالأمس قد خفا
سلام على الدنيا إذا لم يكن بها = صديق صدوق صادق الوعد منصفا